كلمة العدد / Editorial Words
Abstract
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد أن ترضى، اللهم لك الحمد كالذين قالوا خيراً مما نقول، ولك الحمد كالذي تقول، ولك الحمد على كل حال، اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، وأنت بكل شيء عليم، وسبحانك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛
فنقف في هذا العدد الأول من شهر يونيو 2022م لمجلة الدراسات اللغوية والأدبية على مفترق طرق يذهب بنا إلى آفاق عميقة تتناول اللغة العربية وآدابها؛ إذ إن من خصائص المنشورات العلمية اللغوية الموثوقة أن تتناول قضايا حيوية وملحة في اللغة والأدب تتعلق بالقراءة والمفكرين والباحثين من جانب الحياة الثقافية والاجتماعية والفكرية، ونتطرق في هذا العدد إلى الدراسات اللغوية في مجال القراءات القرآنية والسينما الماليزية والتعليم، والثقافة الماليزية في الأدعية والثقافة الإسلامية في التراث الماليزي، والبلاغة والسياق وأخيراً حوسبة الإملاء العربي؛ أما في الأدب فنتناول الرواية المعاصرة وتشكيل الشخصية فيها، والأدب والمجتمع في الروايات المعاصرة، والأسلوب الشعري في التجديد في الأدب الحديث، والشعر وقضاياه في الشعر القديم والحديث.
تضمنت المقالات اللغوية موضوعات حيوية تتعلق بموضوعات شتى، ومنها المقال الأول المعنون: عناية ابن سيده بتوجيه القراءات من ناحيتي النحو والصرف من خلال كتابه "المحكم" و"المحيط الأعظم"؛ إذ يتناول الباحثان فيه اهتمام ابن سيده بتوجيه القراءات وعنايته بها؛ وقد توصَّل البحث إلى عناية ابن سيده بتوجيه القراءات واهتمامه بها؛ حيث جعل القراءات القرآنية مصدراً من مصادره في اللغة، كما يتضح تعدد منهج ابن سيده في توجيه القراءات، فقد اشتمل توجيهه على أمور عدة، منها توجيه القراءة ببيان معناها أو توجيه القراءة ببيان أنها لغات أو توجيه القراءة بتعليلات لغوية نحوية أو صرفية؛ أما المقال الموسوم: بــ: الدلالات التعليمية للكلمات العربية في الأفلام السينمائية الماليزية: الفنان بي. رملي نموذجاً، فيبحث الباحثان فيه الدلالات التعليمية للكلمات العربية المتوفرة في أفلام الفنان الماليزي الشهير ب. رملي. وشحصيته؛ إذ لا يزال بي. رملي في أفلامه يحتل مساحة كبيرة في ذاكرة وضمير الشعب الماليزي في ماليزيا، وخلصت الدراسة إلى أن هناك مفردات مشتركة بين الشعب الماليزي تعبّر عن اللغة العربية دون تغيير في معانيها ونطقها، وأن هناك كلمات تغيّر نطقها وبقي معناها، وأن الماليزيين وقعوا في حب اللغة العربية في أفلامه بسببها، فضلاَ عن كون اللغة العربية لغة العبادة والدين في ماليزيا، وأن كثيراً من الكلمات لم نجدها متوفرة في قواميس لغة الملايو أو في كتاب الكتابة الجاوي المعتمد من مجمع اللغة الملايوية بماليزيا؛ في الدراسة الموسومة: الأخطاء اللغوية والأسلوبية في الأدعية لدى الماليزيين، أشار الباحثان إلى وقوع بعض مؤلفي الأدعية في كتيباتهم بأخطاء لغوية وأسلوبية بعضها في أدعية مأثورة وأكثرها في أدعية غير مأثورة، وتوصلا بعد التحليل للأدعية إلى أنه يجب على المسلم أن يتعلَّم اللغة العربية حتى يعرف معاني ما يدعو به من العبارات حينما يختار أدعية مأثورة أو غير مأثورة، حتى يكون توجهه إلى الله صادقاً ومتيقناً من الخير الذي يرغب فيه، وأن مؤلفي الأدعية والأذكار لم يهتموا بمعرفة معاني الأدعية، ومدى صحتها لغويّاً ونحويّاً وأسلوبياًّ؛ أما المقال المعنون بـــ: اللغة العربية والثقافة الإسلامية في ظل التراث الثقافي الملايوي، فقد سعى الباحثان إلى إبراز مدى أهمية اللغة العربية في التراث الملايوي القديم، وتوصلت دراستهما إلى أن من مظاهر تأثر التراث الملايوي، مفردات اللغة العربية التي أصبحت جزءاً من اللغة الملايوية حتى يومنا هذا، فقد اقترضت اللغة الملايوية كثيراً من الكلمات والعبارات العربية، فضلاً عن العادات والطقوس الإسلامية السائدة في المجتمع الملايوي، وعرف الملايو الخط العربي، فكتبوا بالحرف العربي المعروف بالخط (الجاوي) لغتهم، وبعد انتشار الإسلام عكف الملايويون على تعليم وتعلّم اللغة العربية والدين الإسلامي؛ وفي المقال الذي بعنوان: أثر السّياق في التأويل البلاغيّ: مادّة (قضي) في الذِّكر الحكيم نموذجاً، اعتمدت الباحثة على المنهج السياقيّ بمعونة الاستقراء والوصف والتحليل لمقاربة أثر السياق في التأويل البلاغي، وأبرزت في دراستها نتائج مهمة، منها: أن للسياق أثره في توجيه الدلالة وتنوّعها، وأن اللفظ الواحد يرد في القرآن الكريم حاملاً معاني عدة بحسب المقام، وأن بنية الكلمة تضيء جانباً من جوانب اللطائف القرآنيّة؛ أما المقال الموسوم بــ: حوسبة الإملاء العربي: الهمزة المتوسطة والمتطرفة نموذجاً، فقد عد اللسانيات الحاسوبية من الاتجاهات الحديثة في دراسة اللغة العربية المعاصرةوقد خرج الباحث بعدد من النتائج من أهمها: اللغة العربية لغة طيعة للتقنية في جميع مستوياتها متى وُجد من يستطيع تحليل قواعدها، وإعادة تركيبها في صور ونماذج تقبل الحوسبة الآلية، وأن هناك ثلاثين قاعدة حاسوبية للهمزة المتوسطة والمتطرفة، كان نصيب المتوسطة منها خمس عشرة قاعدة مطردة ، وتسع قواعد لشواذها.
أما المقالات الأدبية فتبدأ بالعنوان: أثر السِّمات المكانيّة في تَشكيل الشّخصية الرّوائية: رواية "أرض الله" أنموذجاً"؛ إذ أشار الباحثان إلى أن الحيّز المكاني يتشكل منالسّمات الحسية، والسّمات المعنوية، وتوصلت دراستهما إلى أن الأماكن انقسمت في الرواية القسم المؤثر الإيجابي والمتمثل في (الوطن المتمثل في البيت بفوتا تور، مسجد توبا) والقسم المؤثر السلبي، والمتمثّل في (بيت العبيد، المزرعة)، فله الأثر السلبي الأبرز في شخصية البطل، وبهذا تأرجحت الشخصية بين تأثيرين شكّلا بنيتها؛ أما المقال الثاني فعنوّن بــ: الأدب والمجتمعُ: الرواية أُنموذجاً قراءة جديدة؛ حيث تناول الباحث العلاقة بين الأدب والمجتمع، واتخذ الرواية العربية مادته ونماذجه ويتوقف الباحث عند أعمال روائية مختارة لروائيين عرب من دول عربية مختلفة، تنوعت رواياتهم بين احياء الحاضر بنماذج حية من الماضي، وتشخيص الواقع بتحدياته ومشكلاته من مثل؛ التعصب والارهاب والتطرف، والرعب، والقلق، والتيه، والموت، والرحيل، والمسكوت عنه، وحقوق المرأة، والبهرجة الاجتماعية، والخرافة، والحروب، والانتماء للوطن والوعي به، وغيرها من القضايا؛ أما المقال الموسوم بــ: التّجديد في الأسلوب الأدبيّ والشّكل الشّعريّ في مجلة "الزّهور"(1911-1913م)، فقد عالج الباحث فيه أثر مجلّة "الزّهور" الّتي صدرت في العقد الثّاني من القرن العشرين في مصر في النّهضة الأدبيّة العربيّة، وتبين من خلال ذلك أنّ المجلّة قد أسهمت بتغيير الذّائقة الأدبيّة في مطلع القرن العشرين؛ لتسمح بإيجاد أفق أدبيّ سمح بالمحاولات التّجديدية في مراحل تالية كما حدث مع مدرسة الديوان ومدرسة أبولو وما تلاهما؛ والمقال الموسوم بــ: مقارنة وتحليل في مفهوم القناع في القصيدة الحديثة للبياتي والسياب وأمل دنقل، تناولت فيه هذه الدراسة ظاهرة القناع في الشعر العربي الحديث من خلال أشعار ثلاثة من كبار الشعراء العرب في العصر الحديث، وهم: "البياتي، والسياب، وأمل دنقل"، فأشعارهم ملأى بالنماذج الغنية بالأقنعة التي تمحورت في جوانب متعددة؛ كقناع التمرد والثورة والرفض، وقناع الاغتراب، وأقنعة الرمز، وقناع الإخفاق، وخلصت الدراسة إلى وجود علاقة بين القناع والرمز، مع تنوع في محاور القناع في الشعر العربي الحديث، وسطوته عند البياتي دون غيره؛ أما المقال الذي بعنوان: أسلوب الالتفات في الشعر الليبي المعاصر: حسن السوسي أنموذجاً، فقد تحدثت الباحثة فيه عن أسلوب الالتفات في الشعر العربي المعاصر، ولا سيما في قصائد الشاعر المعاصر حسن السوسي، وخلصت إلى أن أسلوب الالتفات يعد ضرباً بارعاً من ضروب الصياغة البلاغية، وأن الشاعر السوسي قد تمكّن من امتلاك لغته، وتوظيف إمكاناتها الأسلوبية، لإبراز هذا النوع من الالتفات في المباحث الأربعة؛ وأخيراً المقال المعنون بــ: وسائل الاتساق النصي في القصيدة العربية القديمة: قصيدة (جَفَا وِدُّه) لبشَّار بن بُرْد نموذجاً، أشار الباحث فيه إلى وسائل الاتساق النصي في القصيدة العربية القديمة متمثلة في قصيدة (جَفا وِدُّه) للشاعر العباسي بشَّار بن بُرْد، وذلك بالاستفادة من معطيات علم النص، وهدف البحث كشف مدى تحقق الوحدة العضوية في القصيدة بوصفها من نماذج الشعر العربي القديم؛ إذ توصل في نهاية البحث إلى أن وسائل الاتساق النصي حاضرة في القصيدة، وأن تلك الوسائل تتداخل في كثير من المواضع، وهذا يؤكد حضور الوحدة العضوية في القصيدة.
وأخيرا تتقدم هيئة التحرير بجزيل الشكر والتقدير لكل من كان له إسهام فعال أدى إلى إعداد هذا العدد بشكله النهائي، والشكر موصول إلى عميد كلية عبد الحميد أبو سليمان لمعارف الوحي والعلوم الإنسانية الأستاذ الدكتور شكران عبد الرحمن على دعمه المتواصل معنوياً وعلمياً، داعين الله تعالى التوفيق والسداد في الدفاع عن لغة القرآن الكريم دراسة وبحثاً وتطويراً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رئيس التحرير
الأستاذ الدكتور عاصم شحادة علي